وتحقق حُلمي🤍
تلك الخطوات هي المسافة بين الحُلم والحقيقة , بين التمني وهمة السعي وحُسن الظن بالله !
تلك اللحظات كافية لأنسى عقبات وعثرات أيام طِوال , لأن أشكر الله على أن أختار لي الوقت المُناسب ليُرضيني بما تمنيتُ وأكثر.
إنها لحظة إدراك لعظمة اليقين بالله والصبر ؛ وسِر التوقيت وسِر الإجابة ؛ وسِر الدهشة , هي لحظة تفكَر ومشاعر عميقة ’ إنها لحظة من لحظات العٌمر التي لن تُنسى.
بسم الله مجراها ومرساها , بسم الله على الغايات حتى نصِل , بسم الله على الأحلام حتي تُصبح واقعاً نحياه , بسم الله على الأمنيات حين نراها ,
بسم الله على قلبي المليئُ بالشوق والحُب إلى تلك البقاع القادم اليها .
نصف ساعة بعد منتصف الليل من أواخر فبراير بدأت رحلتنا , بدأت معالم المكان تتغير لم أعد أرى سوى تلك النجوم والنوارس التي تحلق حولنا.
حططنا الرحال ونوينا الإحرام وإقتربنا من مكة؛ تفكرتُ في تلك الجبال التى تدل على قدرة الخالق سبحانه وكأنه أختار هذه البقعة لتكون أيةً من آياته في الأرض ؛ ظهرت من على البُعد معالم أرض ولد بها المصطفى ﷺ وبها نزل الوحي ؛ وفيها بدأ ديننا العظيم.
فكرة " الطريق إلى مكة " تأخذني لعالم آخر أشعر أن روحي تُحلق فرحاً , وأن قلبي في أعلى حالة من السكون والأمان وأن نفسي تتوق للتعمق في تلك التفاصيل ؛ وأتمنى لو أنني أعيش هذا المشهد مرات ومرات حتى آخر العمر.
أشعر أن قدامي لاتطأ على الأرض وكأنني من الفرح لي أجنحة ؛ لكنني رغم ذلك شعرتُ أن الطريق طويل.
الخطوات الأولى في المسجد الحرام تمنحك شعور لآ يمكن وصفه ؛ همست من بين دموع الفرح " اللهم زد هذا البيت تعظيماً وتشريفاً" ورغم الجموع حولي إلا أنني كنت أشعر أنني وحدي من يعيش هذا المشهد ؛ من على البُعد بدأ لنا جزء من الكعبة دون إدراك مني أصبحتٌ أردد ماشاء الله .. ماشاء الله .
مُهيبة هي وجميلة قبل أن أراها كاملة ؛ وهل يَخفى الجمال وإن أستتر!!
المكان مليئ بأصوات التكبير والتهليل والتلبية؛ لكنني في تلك اللحظات لم أعد أسمع سوى خفقات قلبي المتسارعة .. رؤية الكعبة لأول مرة مباشرة ليست كما تبدو في شاشة التلفاز ؛ المكان الذي كنت أصلي نحوه طوال حياتي أنا فيه الآن !! ويمكنني أن أصلي من كل الاتجاهات ... فكرة أنني بمكان شهد وجود سيدنا إبراهيم وإسماعيل...
وهنا إعتمر وصلى النبي ﷺ والصحابة ؛ هنا حدثت المعجزات ؛ سجدتٌ للرحمن حباً وشكراً أن أكرمني وأستجاب دعائي وحقق حُلمي .
لوحت بيدي نحو الحجر الأسود وكذا فعل كل من حولي وبسم الله .. والله أكبر ؛ سأطوف بالبيت العتيق🤍
إنها سياحة روحية في عالم تشعر فيه أنك حقاً تتصل بالسماء , كنتُ أسيرٌ بقرب مجموعة لاينطقون العربية ؛ أحدهم يمسك كتاباً ويقرأ لهم الدعاء وهم يرددون خلفه ,فقلتُ في نفسي أن الحمد لله الذي مَنّ علينا بِلسان عربيُ مُبين.
إقتربت أكثر وفي طريقي لألمس أستار الكعبة وجدتُ إمرأة تدعوا بنحيب وبصوت تخنقه دموعها الغزيرة
وهي تُلحّ ياااارب يااارب حررّ المسجد الأقصى يااارب 😢 فتناثرت دموعي وأنا أردد معها آمين آمين .
مررتُ بقرب أحدهم يدعوا مُنفرداً بلغته البسيطة فأمنتُ خلفه ودعوتٌ الله أن يؤتيه سؤله ومُبتغاه .
وضعت يدي على الكعبة لنصف دقيقة بسبب الإزدحام ؛ فقط ليطمئن قلبي ولكيّ أدركٌ أنني بحقيقة وليس حُلم .
إنتهت الأشواط السبع دون عناء وفي الطريق إلى المسعى تجد أمامك ماء زمزم ؛ فشربتٌ حتى إرتويت وشعرت أنها وصلت إلى كل ذَرةٍ في جسدي فكانت قوةً شفاءاً .
تصورتُ شعور السيدة هاجر وهي تهرول من جبل الى آخر في لجوء صادق الى الله في مكان كان خالياً من البشر ؛ تلك المسافات بين الصفا والمروة.. كانت الطريق إلى معجزة وعطاء رباني عظيم.
الأيام مضت سريعاً وجاء آخر فجر لنا في رحاب المسجد الحرام ؛ كان المكان يكتظ بألاف الناس لكن هناك هدؤء أشبه بالصمت إلا من أصوات العصافير التي تُحلقُ في الساحات ؛ الكلٌ مُنشغل بالأذكار بين الأذان والإقامة وبقراءة القران وبالدعاء؛ كان ذلك الصباح أجملٌ صباحٍ بحياتي ! نظرتٌ في الأرجاء حولي بقلبٍ ملأته الراحة و السكينة فهنا حقاً يُصبح المرءُ بخير.!
لا أعرف هل إنطفأ شوقي أم إتقدّ ! أُذكرُ نفسي بين لحظة وأخرى " نحنٌ بمكة " إلى أن غادرناها و غصة الشوق والحنين إليها عادت حتى ونحن بثراها ؛ فالله الله ياا مكة 🥺
ღ ღ ღ ღ
إلى المدينة المنورة وبعد الصلاة على الحبيب المصطفى ﷺ بدأت الرحلة والتى كانت تأمٌل وتفكّر كيف خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أبوبكر الصديق رضي الله عنه في ظلام الليل وكيف قطعا كل هذه المسافات ..!! و كيف تبدو تلك المدينة التي خرج أهلها استقبالا للحبيب المصطفى ﷺ وهم مستبشرون بقدومه ينشدون "طلع البدر علينا " ؟! وكيف كان شعوره صلى الله عليه وسلم حينها ؟!
وجدتها جميلة وهادئة بها من السكون والأمان ما يُنسيكَ جهد السفر ..الشعور الأعمق والأجمل هو الوصول إلى المسجد النبوي ؛ مكان مهيب مملوء بعبق التاريخ ؛ مات النبيِّ ﷺ منذ أكثر من 1400 سنة ومازلت عند دخولك إلى مسجده تشعر بوجوده🤍
أول مرة أرفع يدي وألوحُ بطرف غضيض وصوت خفيض ودموع شوق وحٌب
أن " السلام عليك يا رسول الله " 🥺 و كأن الزمان توقف عند تلك اللحظات !!
نظرتٌ حولي فإذا بالزوار من مختلف أقطار العالم ؛ مختلف اللغات واللهجات والألوان والسحنات ؛ العرب والعجم إجتمعوا على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " تصورت كيف بدأ هذا الدين العظيم ؛ وكم من المعارك والحروب خاضها النبي ﷺ والصحابة حتى يصل إلينا.
وكيف أننا نراه بعيون قلوبنا ونجده في نور أرواحنا المؤمنة بما أتى به .. وقفت أتأمل كيف أنه عاش حياة قصيرة وغير الدنيا ؛ وكيف أن كل هذه الجموع آمنت به قبل أن تراه.
غادرنا المدينة والحنين لآ يوصف ولا يُكتب وأكبر من يُسرد في كلمات ؛ والجوار أحلى وأغلى وأسمى الأمنيات .!
الدموع تتناثر حباً وشوقاً ولهفةً ؛ والشعور لآ يمكن ترجمته ولآ يمكن أن تصفه البلاغة والتشبيه ؛ و هنالك صمتُ أعمق من ألف ألف مقال .
النفس مطمئِنة والروح ساكنة والقلب يهفو لأن يعيش شعور الآية ( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى )🤍
f α τ ɪ м α #